إمراءه من طراز خاص

تأملاتي بعد الخمسين للشيخ الطنطاوي 2


ربما تحتوي الصورة على: شخص واحد




















‎تأملات مابعد سن الخمسين (٢📶
‎الشيخ الطنطاوي رحمه الله
‎وكنتُ أرجو أن أكون خطيبًا يهزُّ المنابر، وكاتبًا تمشي
‎ بآثاره البُرُد، وكنتُ أحسب ذلك غاية المنى، وأقصى المطالب،
‎فلما نِلته زهدتُ فيه، وذهبتْ مني حلاوته، ولم أعد أجد فيه ما يُشتهى ويُتمنَّى.
‎وما المجد الأدبي؟ أهو أن يَذكرك الناس في كلِّ مكان، وأن يتسابقوا إلى قراءة ما تكتب وسماع ما تُذيع، وتتوارد عليك كتب الإعجاب، وتُقام لك حفلات التكريم؟ لقد رأيتُ ذلك كلَّه، فهل تحبون أن أقول لكم ماذا رأيتُ فيه؟ رأيتُ سرابًا، سرابٌ خادع، قبض الريح!
‎وما أقول هذا مقالة أديبِ يبتغي الإغراب ويستثير الإعجاب، لا والله العظيم (أحلف لكم لتصدقوا) ما أقول إلَّا ما أشعر به.
‎وأنا من ثلاثين سنة أعلو هذه المنابر، وأحتل صدور المجلات والصحف، وأنا أكلِّم الناس في الإذاعة كلَّ أسبوع مرةٍ من سبع عشرة سنة إلى اليوم، ولطالما خطبتُ في الشام ومصر والعراق والحجاز والهند وأندونيسيا خُطبًا زلزلت القلوب،
‎وكتبتُ مقالاتٍ كانت أحاديث الناس، ولطالما مرَّت أيام كان اسمي فيها على كلِّ لسان في بلدي، وفي كلِّ بلد عشتُ فيه، أو وصلَتْ إليه مقالاتي، وسمعتُ تصفيق الإعجاب، وتلقَّيتُ خطب الثناء في حفلات التكريم،
‎وقرأتُ في الكلام عني مقالاتٍ ورسائل، ودرَسَ أدبي ناقدون كبار ودُرِّس ما قالوا في المدارس، وتُرجم كثير مما كتبتُ إلى أوسع لغتين انتشارًا في الدنيا: الإنكليزية والأردية، وإلى الفارسية والفرنسية،
‎فما الذي بقي في يدي من ذلك كلِّه؟ لا شيء. وإن لم يكتبْ لي الله على بعض هذا بعضَ الثواب أكُنْ قد خرجتُ صفْرَ اليدين!
‎إني من سنين معتزلٌ متفرّد، تمرُّ عليَّ أسابيع وأسابيع لا أزور فيها ولا أُزار، ولا أكاد أُحدِّث أحدًا إلَّا حديث العمل في المحكمة، أو حديث الأسرة في البيت. فماذا ينفعني وأنا في عُزلتي إن كان في مراكش والهند وما بينهما مَن يتحدّث عني ويمدحني، وماذا يضرُّني إن كان فيها من يذمُّني، أو لم يكن فيها كلِّها مَن سمع باسمي؟!
‎ولقد قرأتُ في المدح لي ما رفعني إلى مرتبة الخالدين، ومن القدح فيَّ ما هبط بي إلى دركة الشياطين، وكُرِّمت تكريمًا لا أستحقُّه، وأهملت، حتى لقد دُعي إلى المؤتمرات الأدبية، وإلى المجالس الأدبية الرسمية المبتدئون، وما دُعيت منها إلى شيء، فألفت الحالين وتعوَّدت الأمرين، وصرتُ لا يزدهيني ثناء، ولا يهزُّ السبُّ شعرةً واحدة في بدني. أسقطتُ المجد الأدبي من الحساب لما رأيتُ أنه وهم وسراب.
يتبع....
.......🌸🌸...🌸🌸.........
مدونة امرأة من طراز خاص
👸خدمة امرأة من طراز خاص 👸
بقيادة المدربة والاستشارية الأسرية
🎀 أ.أروى حسين
👈حسابنا على تويتر وفيسبوك وانستجرام📲 @semfonias
👈تليجرام 📲
‏@semfonias4
للانضمام لخدمتنا النسائية
💟التواصل مع المشرفة ام باسل
‪+966 53 573 0504
شاركها في جوجل+

0 التعليقات:

إرسال تعليق