إمراءه من طراز خاص

قصة وحكمة 5


لا يتوفر نص بديل تلقائي.












لكن كل هذا لم يحدث، فعندما وصلت إلى مطار أمريكا لم يكن عمر في انتظاري، ولم يهرع إلي ليضمني ويقبلني ويخبرني عن أشواقه وآلامه كما كنت أتوقع وأحلم..
لم ألحظ صديقتي رغداء بين هذه الجموع المحتشدة لاستقبال أحبابها، فقد كانت عيناي تبحثان عن الحبيب الغائب..
اقتربت رغداء مني وتمتمت وهي تقبلني:
الحمد لله على السلامة يا سمر..
سألتها ودموعي تنهمر على وجنتي البائستين:
أين عمر يا رغداء، ألم تخبريه بأني قادمة لرؤيته؟
أجابتني بصوت متلعثم:
بلى.. لقد أخبرته منذ أسبوع.. وذكرته اليوم صباحاً بموعد قدوم الطائرة..
كان من المفترض بي في هذه اللحظة أن أدرك أن عدم قدومه إلى المطار لاستقبالي دليل قوي على إصراره على موقفه ورفضه للتراجع، ولكني لم أشأ أن أدرك هذا،
ورحت أعلل غيابه بأن أمراً طارئاً حدث له أعاقه عن استقبالي..
وعلى ما يبدو فإن حبي لعمر وشوقي للقائه جعلني أنحي لغة العقل جانباً، وأسير بمقتضى لغة العواطف والمشاعر..
رجوت رغداء أن تصطحبني إلى بيته، فترددت وتلكأت، ثم رضخت أمام إصراري..
فتح عمر الباب، وبيده من كأس الخمر، وكان يلبس شورتاً قصيراً وقميصاً بلا أكمام، وقد ظهرت من وراء كتفه فتاته الشقراء، وهي تلبس ما يشبه مايوه السباحة..
لم يكن قلبه يخفق بحبي كما كنت أتأمل، ولم تسعد عيناه برؤيتي كما كنت أتوقع، وكان واضحاً جلياً أنه لم يكن هناك أي عائق يمنعه من الحضور إلى المطار لاستقبالي..
أردت أن أهرع إليه وأضمه وأقبله كما كنت أحلم.. أردت أن أقول له:
- اشتقت إليك يا حبيبي..
لكنني أحسست بلساني عاجزاً عن الكلام، وبجسدي متسمراً ومتوقفاً عن الحراك، فقد كنت أشعر بأن هذا الشخص الواقف أمامي شخص غريب عني، لم تره عيناي من قبل، ولم يعشقه قلبي قط..
كان عمر ما يزال واقفاً على باب المنزل، ينظر إلي نظرات متبلدة، حين صاحت به رغداء:
- ألا ترحب بأمك يا عمر.. وتدعوها للدخول؟
أجابها دونما اكتراث: اسمي جورج وليس عمر..
ثم نظر إلي نظرة متبلدة، وتابع يقول:
أهلا وسهلاً مدام.. تفضلي بالدخول..
ثم دخل إلى المنزل قبلنا، وهو يكمل حديثه التافه مع صديقته التافهة ويضحكان بصوت عال..
دلفت إلى المنزل بالرغم من أنني أدركت الحقيقة المرة منذ أن فتح الباب..
جلست دقيقة.. دقيقتين.. ثلاث.. عشر.. ولكنه لم يكلمني ولم يعرني أي انتباه.. وكان يقرأ مع صديقته مقالاً صحفياً، ويبدو من الصور العارية الملصقة على المجلة أنها مبتذلة..
وعندما حضرت الخادمة قال لها:
- أحضري للمدام كأس عصير.. أظنها لا تشرب الخمر..
ثم أردف وهو ينظر إلي نظرات جامدة كالصخر:
- أليس كذلك يا سيدتي؟
أجبته بحزم: لا داعي يا بني..
ثم وقفت وقد أمسكت بيد رغداء أجذبها، وأنا أقول بصوت تعمدت أن يكون مسموعاً:
- هيا يا رغداء.. يبدو أننا قد أخطأنا العنوان..
صاحت رغداء باستغراب:
- اصبري يا سمر..لا يمكن لك أن تقطعي كل هذه المسافة لتستسلمي في لحظات!!
اغرورقت عيناي بالدموع، وتمتمت بصوت حزين، وأنا أنظر إلى عمر وهو جالس على الأريكة دون أية مشاعر:
-
زيارة القبر لا تحتاج لأكثر من بضع دقائق لقراءة الفاتحة..
لقد مات عمر حين ابتلعته امريكا منذ سبع سنوات.. والميت لا يعود مرة أخرى إلى الحياة.. وها أنذا اليوم أزور قبره يا رغداء..
خرجت من المنزل دون أن ألقي على عمر نظرة وداع..
خرجت وأنا اشعر بأني راضية بقضاء الله.. فإذا كان قد سلبني عمر، فإنه سلم لي أختي عمر.. نوران وراما، وهما الآن أحوج ما يكونان إلى عطفي وحبي ورعايتي..
اليوم أسجل في دفتري مأساتي الأليمة، وأنا مقتنعة تماماً أنني قد سددت آخر دفعة من فاتورة الحساب..
أتدرون أي حساب هو؟ إنه حساب التغرب في بلاد العهر والمجون والانحلال..
ويا له من حساب!!!!!!!!!
.......🌸🌸...🌸🌸.........
مدونة امرأة من طراز خاص
👸خدمة امرأة من طراز خاص 👸
بقيادة المدربة والاستشارية الأسرية
🎀 أ.أروى حسين
👈حسابنا على تويتر وفيسبوك وانستجرام📲 @semfonias
👈تليجرام 📲
‏@semfonias4
للانضمام لخدمتنا النسائية
💟التواصل مع المشرفة ام باسل
‪+966 53 573 0504
شاركها في جوجل+

0 التعليقات:

إرسال تعليق