يجب أن نعرف أنّ السعادة تكون في إزالة التوتر الداخلي والخارجي للفرد:
إذا اعتبرنا أن مجمل علاقات الإنسان تكون في اتجاهات ثلاث: علاقة الإنسان بخالقه.
وعلاقة الإنسان بنفسه. وعلاقة الإنسان مع المحيط الذي يعيش فيه.
فإن السعادة تكمن في حل هذه المعادلات الثلاث وإيصالها إلى درجة التوازن؛ والتعاسة تصل إلى الإنسان من خلال اضطراب في إحدى هذه المعادلات الثلاث.
لذلك جاء الإسلام ليحل هذه المعادلات الثلاث من خلال إزالة الاضطراب فيها ليحقق (طمأنينة الداخل وتنظيم الظاهر)
أما طمأنينة الداخل فإنّ علاقة الإنسان بربه فإنها تنطوي على أن يكون أكثر قرباً من خالقه وكلما كان الإنسان قريباً من خالقه كان سعيداً حتى قالوا إنّ العاصي إنسان متعب جداً لأنه يسير في عكس الكون كله فالسموات والأرض علاقتها مع خالقها علاقة طاعة؛ وهو علاقته مع ربه علاقة معصية قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }(فصلت11). فهو يسبح بعكس الكون فهو متعب يشعر بالتعب والإرهاق دائما اما الطائع فهو ذلك الإنسان المتناسق مع الكون كله فالكون طائع وهو أيضا طائع لله .
وأما علاقة الإنسان بنفسه فلا بد أن يزيل التوتر فيها ويتصالح مع نفسه لذلك كان أحد تعريفات السعادة: أن يجد الإنسان نفسه ويتصالح معها؛ لذلك كان من أهم أسباب التعاسة أن الإنسان لا يجد نفسه ولا يعرف أين موقعه في المجتمع ومن هو وما هي مكانته وماذا يستطيع أن يقدم، حتى ولو كانت مكانته بسيطة وأعماله قليلة في ظن الناس لكنه وجد نفسه, لقد طرد أديسون من المدرسة لكنه وجد نفسه في اختراعاته فكان فضله على البشرية كبير جداً المهم أن تتصالح مع نفسك حتى تكون سعيداً وتعرف مكانتك وتعرف قدراتك.
أما علاقة الإنسان بمن حوله وهي التي عنينا بها بتنظيم الظاهر بأن تكون علاقاته منضبة بضوابط الذوق الرفيع والأدب الجمّ فالأشخاص الذي يعيشون في حالة فوضى في علاقاتهم هم في شقاء وتعب وجهد ونصب يكابدون ما يكابدون لأنّ علاقاتهم غير متوازنة وغير منضبطة؛ فعلاقاتهم قائمة على الأنانية والحسد والظن السيئ والتآمر والترصد كل ذلك يجعل الإنسان غير سعيد وغير راض وتجعله إنساناً متوتراً ومتحفزاً ويعاني من شدة دائمة وتوتر مستمر فمن أين تكون له الراحة والسعادة .
أما الإنسان الذي نظم حياته وعلاقاته على مبدأ الحقوق والواجبات فهو يؤدي واجباته ويتساهل في حقوقه ويتجاوز عن خصومه هو إنسان سعيد بلا شك.
ومن أشعار محمد إقبال في ذلك قوله:
لم ألق في هذا الوجود سعادةً كمودة الإنسان للإنسان (ديوان محمد إقبال).
والمودة أرقى درجات التعامل الإنسان مع أخيه الإنسان فالود يعني المحبة والألفة واللهفة
0 التعليقات:
إرسال تعليق