
قبل أن أستمر في اجترار ذكرياتي
أحببت أن أذكركم بأن تأثير
ماحولنا من مشاكل وأزمات لا يعتمد على
الأزمة ولا من سببها
ولكن يعتمد على تفسيرنا لها
وزاوية نظرنا اليها
فلو أني نظرت الى هذه الأزمة
على أنها مصيبة وحلت بي
وأن مستقبلي في مجال التدريب
والعمل سينتهي خلف القضبان
لحكمت على نفسي بالفشل مدى الحياة
ولانحدرت بذاتي الى القاع
.
.
.
ولكن تفسيري أن ماحدث هو فرصة
لاختبار ماتعلمته
ولأضع العلم على محك العمل
.
.
.
v
v
v
ذكرت لكم بأننا نحن السجناء الجدد
كنا نفترش الأرض .. ولا نكاد ننام ساعتين متصلة
وبجواري كان شاب في الثلاثينات من عمره
اسمه عبدالباري
.
.
.
يقول عبدالباري
أنا عندي الثانوية العامة
وعاطل عن العمل
وكنت أموووت من الفراغ اللي عايشة كل يوم
واحساسي بالغيرة من أصحابي اللي كملوا تعليمهم
وتزوجوا .. وخلفوا .. والحسرة على أيامي اللي تمر بلا هدف ..
.
.
.
وفي يوم تعرفت على شلة عواطلية مثلي
ويوم ورا يوم أصبحوا يملأون علي فراغي
وأقضي معهم الساعات .. والأيام
ولا أحد يسأل عني
أصبحوا كل حياتي
نأكل ونشرب .. ونسهر في الليل
وننام في النهار
.
.
.
وشوي شوي
بدينا نتاجر في . الحشيش .. الأمفيتامين
الكبتاجون .. حبوب الهلوسة
وعشت ملك في الوهم
وبديت أبيع وأشتري
وأكسب فلوس
وأشتريت سيارة
وكبرت وكبرت أحلامي
وفي يوم
أختلفت مع واحد من الشلة .. وضربته بحديدة
على رأسه .. مات في لحظة
.
.
.
وفي لحظة هرب كل من في الاستراحة
وبقيت أنا مشلول التفكير
وبلغوا الشباب عني
بعدما نقلوا المخدرات من الاستراحة
.
.
.
في تلك اللحظات
لفيت شريط حياتي .. قدام عيني
تذكرت تفاصيل الماضي
من أول يوم دخلت المدرسة
وكلام أبوي وهو يقول لي
أنت فاشل .. وطول عمرك فاشل
ماراح تفلح في شي
لأنك تمشي ورا كلام النسوان ( يقصد أمي )
.
.
.
تذكرت أخواني وهم يجيبون شهادات التفوق
وأنا أزور شهادتي عشان مايخاصمني أبوي
.
.
.
تذكرت الثانوية وأنا أهرب من فوق سور المدرسة
.
.
.
وفي لحظة تحققت نظرة أبوي
أنا فااااشل
.
.
.
جت الشرطة
وشالوني بدون أي مقاومة
وحققوا معي وأعترفت
كنت أبي أنهي حياتي
مليت الفشل .. والفراغ
.
.
.
وبقيت في السجن 5 سنين في عنبر 14
وهو العنبر المخصص للقصاص
وهناك تعرفت على رجل كبير في السن
محكوم عليه بالقصاص بعد
وكنت أجلس معه بالساعات ويكلمني عن بيته
وأهله وبناته أولاده
.
.
.
كنا نعيش حالة رعب
عندما نسمع العسكري ينادي كل صباح
بأسماء من سينفذ بهم حكم القصاص
حتى أنني أحيانا أعيش كوابيس
القصاص
.
.
.
وأحيانا أجلس مع هذا الرجل لحظات
ننسى فيها من أنفسنا ونتحدث عن ذكرياتنا الحلوة
وفي يوم
تكلم عن بنته الصغيرة
آخر العنقود
وقال تعرف وش هي أمنيتي قبل ما أموت
أتمنى اني أشوفها عروسه
وأطمئن عليها
.
.
.
يقول عبدالباري
فقلت له من باب الضحك
هيا .. زوجنياها ياعمي
وضحكت .. أما هو فقد رفع رأسه ونظر الي
وقال موافق .. !!
ضحكت مرة ثانية
قال : ليش لأ
تتزوج وربي يرزقها منك بولد يونسها
ويساعدها
.
.
.
استمريت في الضحك .. وقلت .. ووين ان شاء الله بدخل بها
قال : اذا أنت موافق نكتب خطاب لمدير السجن اني أنا ولي أمر البنت
وأنت العريس وهم يشوفون طريقة
يتبع...
...................
مدونة امرأة من طراز خاص
خدمة امرأة من طراز خاص 
بقيادة المدربة والاستشارية الأسرية
 أ.أروى حسين
حسابنا على تويتر وفيسبوك وانستجرام @semfonias
تليجرام 
@semfonias4
للانضمام لخدمتنا النسائية
التواصل مع المشرفة ام باسل
+966 53 573 0504

0 التعليقات:
إرسال تعليق